- التعريف القانوني
- فقه القضاء
الضبط الإداري الخاصّ : هو الضبط الاداري الذي يخضع الى نظام قانوني خاصّ امّا لأنّ له مجال محدّد أو له مضمون محدّد. فهو يتمثّل في اتّخاذ الإجراءات التي من شأنها تقييد نشاط وحريّات الأشخاص في مجالات محدّدة على غرار اتّخاذ الوزراء كسلطة ضبطيّة كلّ في مجال اختصاصه (مثال اسناد سلطة الضبط الاداري الخاصّ لوزير الصحّة لاتخاذ تدابير ذات صبغة وقائية أو علاجية للتوقي من انتشار فيروس كورونا).
- محمد رضا جنيّح، قانون اداري، مركز النشر الجامعي، 2004، ص 66
يتعيّن التأكيد أن القاضي الإداري يلزم السلط البلدية كسلط ضبط عام بالتدخّل ولو في المجالات التي يرجع فيها الاختصاص إلى الوزراء كسلط ضبط خاص، لكن ذلك يبقى رهين توفر شرطين: وجود خطر محدق من جهة واتخاذ إجراءات وقتية في انتظار تدخّل سلطة الضبط الخاص صاحبة الإختصاص الأصلي من جهة أخرى. لذلك عادة ما تصرّح المحكمة الإدارية بعدم شرعية تدخّل البلدية في حال عدم احترامها لهذين الشرطين.
فقد أكدت الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بقابس في قضية بتاريخ 14 أوت 2019 تتعلق وقائعها بقرار صادر عن المجلس البلدي لبلدية قابس يقضي بمنع تنزيل مادة الفحم البترولي بالميناء التجاري بقابس وجولان الشاحنات به داخل المنطقة البلدية واستعماله في أي مجال بأن إسناد اختصاص ضبط إداري خاص للوزير في هذا المجال ” لا يحول دون تدخّل البلدية كسلطة
ضبط إداري عام في النطاق الترابي الراجع لها بالنظر وفق مقتضيات مجلة الجماعات المحلية، ولها اتخاذ القرارات اللازمة لضمان المحافظة على الصحة العامة، غير أن تدخّل البلدية يبقى مشروطا بوجود تهديد خطير أو خطر محدق على المستوى المحلي يبرّره وأن يكون التدخل بواسطة إجراءات وقتية وتحفظية ملائمة . وحيث لئن يندرج الاحتياط من الأنشطة الخطرة ضمن صميم صلاحيات الضبط الإداري، بما يقتضيه ذلك من ضرورة تدخل البلدية قصد اتخاذ جميع الإجراءات والوسائل المتناسبة والفعلية والتي يكون الهدف منها درء خطر يمكن أن يشمل البيئة والصحة، فإن هذا التدخل يجب أن يكون متسما بالتناسب وخاصة بالصبغة الوقتية وذلك في انتظار تدارك الإخلالات أو تدخل سلطة الضبط الإداري الخاص لاتخاذ القرارات النهائية الضرورية. وحيث اكتسى قرار بلدية قابس بتاريخ 29 مارس 2019 والمتضمّن منع تنزيل مادة الفحم البترولي بالميناء التجاري بقابس وجولان الشاحنات به داخل المنطقة البلدية واستعماله في أي مجال صبغة نهائية، متجاوزا بذلك الصلاحيات المخوّلة لسلطة الضبط الإداري العام”.
وفي نفس هذا الإتجاه، قضت نفس الدائرة الإبتدائية بإلغاء قرار رئيس بلدية قابس القاضي بغلق طاحونة لوجود إخلالات تهدّد الصحة والمحيط، باعتبار أن “قرار رئيس بلدية قابس اكتسى صبغة نهائية، متجاوزا بذلك الصلاحيات المخولة لسلطة الضبط الإداري العام” . كما صرّح القاضي الإداري في قضية أخرى بعدم شرعية تدخل رئيس بلدية قابس القاضي بغلق ورشة ميكانيك لوجودها في منطقة سكنية ولما يمكن أن تحدثه من إزعاج وأضرار ناجمة عن انبعاث غازات، وذلك بالنظر لأن ” قرار رئيس البلدية اكتسى صبغة نهائية ” .
وفي المقابل يصرّح القاضي الإداري بشرعية تدخّل رئيس البلدية إذا احترم شرطي الخطر المحدق والصبغة الوقتية للإجراء. ففي قضية بتاريخ 28 ماي 2019 صادرة عن الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بسوسة تعلّق الأمر بقرار صادر عن رئيسة بلدية القلعة الصغرى يقضي بوقف نشاط مصنع الآجر لعدم توفير شروط السلامة والوقاية والبيئة. قضت المحكمة بأن اسناد اختصاص ضبط إداري خاص للوزير في هذا المجال لا يحول دون تدخّل رئيس البلدية كسلطة
ضبط إداري عام في النطاق الترابي الراجع له بالنظر، شريطة أن يكون تدخله لردّ خطر محدق وأن يتمّ بواسطة إجراءات وقتية وتحفظية ملائمة ومتناسبة مع طبيعة الخطر. وبالرجوع للوقائع أكدت المحكمة شرعية تدخل رئيسة البلدية باعتباره كان بواسطة إجراءات وقتية . وهو نفس التوجه الذي ذهبت إليه الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بصفاقس حيث تعلّق الأمر بغلق رئيس بلدية قرمدة لورشة بمنطقة سكنية لتهديده الصحة العامة جراء الروائح المنبعثة من المواد المستعملة وتكدير الراحة العامة من جراء الضجيج. فأقرّت المحكمة الإدارية بوجود خطر مؤكد متمثّل في الضجيج والتلوث. ومن ناحية أخرى اعتبرت أن تنصيص قرار الغلق على أنه ينفّذ إلى حين احترام الشروط والقوانين المنصوص عليها يؤكد الصبغة الوقتية. وقضت المحكمة تبعا لذلك بشرعية تدخّل رئيس البلدية .
- قضية عدد 09200110 بتاريخ 14 أوت 2019 (غير منشورة).
- قضية عدد 152508 بتاريخ 27 نوفمبر 2019 (غير منشورة).
- قضية صادرة عن الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بقابس عدد 09200117 بتاريخ 10 أكتوبر 2019 (غير منشورة).
- قضية عدد 05200122 بتاريخ 28 ماي 2019 (غير منشورة).
- قضية عدد 152587 بتاريخ 27 نوفمبر 2019 (غير منشورة).
- محمد رضا جنيّح، قانون اداري، مركز النشر الجامعي، 2004، ص 66
- محمد رضا جنيح، قانون الجماعات المحلية، 2019، ص7.